التخطي إلى المحتوى الرئيسي

عن اتخاذ القرارات المفصلية

 

الحرب، هي استكمال السياسة بأدوات أخرى.




كارل فون كلاوزفيتز

جنرال ومؤرخ حربي بروسي " ألمانيا" من أهم مؤلفاته كتاب عن الحرب.



يقول كارل أيضا بأن أول ضحايا الحروب هي الحقيقة، هناك ضبابية في بداية الحروب وتلك الضبابية هي الحقيقة غير الكاملة، وهو أمر طبيعي ألا تكون الحقيقة كاملة، وأن تكون هناك معلومات ناقصة أو مغلوطة، لكن هذا لا يمنعنا من التحرك والمقاومة والعمل على إيجاد حلول أولية عاجلة لتلك الحقيقة الضبابية!

 في بداية أي أزمة لدينا معلومات قليلة، وضحايا قلة أيضا، أما في نهايتها فلدينا المعلومة كاملة وكثير من الضحايا.

في الظروف العادية وفي حالة السلام، أسهل شيء هو المعلومة الكاملة وهضمها بتأني، أما في الظروف العصيبة، فالمعلومة مكلفة وصعبة المراس، وصعبة الاكتمال، ما يجعلها ضبابية، لضيق وقت استيعابها وهضمها، ما يجعلنا نقع في مصائب متلاحقة.

لذلك تجد الكوادر التي لا تملك خبرة الأزمات، لا تنفعهم شهاداتهم في الأوضاع الحرجة، لأن الحياة العملية تحتاج الخبراء ولا تحتاج أوائل القسم.


في الصورة البروفيسور ديدييه راوولت، صاحب بروتوكول الكلوروكين الناجح.

و لأن الخبير لا ينتظر نهاية المعركة أي اكتمال المعلومة كي يتحرك، بل يتحرك مع بداية الأزمة في الأدوات التي يملكها، أما صاحب الشهادة، الأول في القسم، فقد تعود على اكتمال المعلومة للتحرك، واكتمال المعلومة هنا يعني انتهاء الحرب، فلا جدوى لذلك.

هناك ما يسمى الانسيابية العصبية، والتي يتمرن عليها الفرد كي يكون مرنا مع حالات الطوارئ، ولا ينتظر تصريحا أو جدول أعمال للتدخل.

لذلك نجد أن السيرة الذاتية المليئة بالشهادات لم تعد تغري الشركات الأمريكية،



 بل ان السيرة الذاتية الحقيقة هي سيرة مليئة بالخبرات الميدانية والمليئة بالإخفاقات والتجارب، لأنها سيرة تجسد خبرة الأزمات للفرد، اما الشهادة والنقاط، فهي تجسد اتباع الفرد لأساتذته.

 من الخطورة أن يفكر المرء مرتين قبل أن ينقذ عائلته من حريق في منزله، لأن كل ثانية تمر وهو لا يحرك ساكنا، هي ثانية تكلفهم حياتهم كلها، كذلك حالات الطوارئ، فكل ما تأخر الناس في ردة الفعل، انتظارا للمعلومة الكاملة، وانتهاء الضباب، كلما كلفهم ذلك مصائب أخرى.



انتهى

 

#عمادالدين_زناف

 

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ابن بطوطة.. الذي لم يغادر غرفته

ابن بطوطة، الرّحالة الذي لم يغادر غرفته. مقال عماد الدين زناف. ليسَ هذا أول مقال يتناول زيفَ الكثير من أعمالِ المؤرخين القدامى، الذين كانوا يكتبون للسلاطين من أجل التقرّب منهم، ومن ذلك السعيُ للتكسّب، ولن يكون الأخير من نوعه. الكتب التاريخية، وأخص بالذكر كتب الرّحالة، هي عبارة عن شيءٍ من التاريخ الذي يضع صاحبها في سكّة المصداقية أمام القارىء، ممزوجِ بكثيرٍ من الروايات الفانتازيّة، التي تميّزه عن غيره من الرحالة والمؤرخين. فإذا اتخذَ أحدنا نفس السبيل الجغرافي، فلن يرى إلا ما رآه الآخرون، بذلك، لن يكون لكتاباته أيّ داعٍ، لأن ما من مؤرخ ورحّالة، إلا وسُبقَ في التأريخ والتدوين، أما التميّز، فيكون إما بالتحليل النفسي والاجتماعي والفلسفي، أو بابتداع ما لا يمكن نفيُهُ، إذ أن الشاهد الوحيد عن ذلك هو القاصّ نفسه، وفي ذلك الزمن، كان هناك نوعين من المتلقين، أذن وعين تصدق كل ما تسمع وتقرأ، وأذن وعين لا تلتفت إلا لما يوافق معتقدها أو عقلها.  الهدف من هذا المقال ليس ضربُ شخص ابن بطوطة، لأن الشخص في نهاية المطاف ما هو إلا وسيلة تحمل المادة التي نتدارسها، فقد يتبرّأ ابن طوطة من كل ما قيل أنه قد كتبه، ...

مذكرة الموت Death Note

إذا كُنت من محبّي المانجا و الأنيم، من المؤكد أنه لم تفتك مشاهدة هذه التُّحفة المليئة بالرسائل المشفّرة. هذا المسلسل اعتمد على عدّة ثقافات و إيديولوجيات و ارتكز بشكل ظاهريّ على الديكور المسيحي، في بعض اللقطات و المعتقدات. المقال الـ104 للكاتب Imed eddine zenaf / عماد الدين زناف  _ الرواية في الأنيم مُقسّمة الى 37 حلقة، الشخصيات فيها محدّدة و غير مخفية. تبدأ القصة بسقوط كتاب من السّماء في ساحة الثانوية موسوم عليه «مذكرة الموت» ،حيث  لمحه شاب ذكيّ يُدعى ياغامي رايتو، و راح يتصفحه، احتفظ به، رغم أنه أخذها على أساس مزحة ليس الّا، و بعد مدّة قصيرة اكتشف ان المذكرة "سحريّة"، يمكنه من خلالها الحكم على ايّ كان بالموت بعد اربعين ثانية من كتابة اسمه و طريقة موته بالتفصيل. لم تسقط المذكرة عبثاً، بل اسقطته شخصية تُسمى ريوك، من العالم الآخر، وكانت حجة ريوك هي: الملل والرغبة في اللعب. كلُ من يستعمل مذكرة الموت يطلق عليه اسم " كيرا".  بعدها تسارعت الأحداث بعدما أصبح "كيرا" يكثّف من الضحايا بإسم العدل و الحق، فقد كان منطلقه نبيلاً: نشر العدل و القضاء على الجريمة في الأرض....

أخلاق العبيد، نيتشه والمغرب الأقصى

مفهوم أخلاق العبيد عند نيشته، المغرب الأقصى مثالا. مقال عماد الدين زناف. فريدريش نيتشه، حين صاغ مفهومه عن «أخلاق العبيد» في مُعظم كتبه، لم يكن يتحدث عن العبودية الملموسة بالمعنى الاجتماعي أو الاقتصادي، أو بمعنى تجارة الرّق. بل تحدّث عن أسلوب في التفكير نِتاجَ حِقدٍ دفين وخضوع داخلي يولد مع الأفراد والجماعة. إذ بيّن أن الضعفاء، العاجزين عن تأكيد قوتهم، اخترعوا أخلاقًا تُدين الأقوياء، فرفعوا من شأن التواضع والطاعة فوق ما تحتمله، حتى أنها كسرت حدود الذل والهوان. ومن هذا المنطلق يمكن رسم موازاة مع خضوع شعب المغرب الأقصى لنظام المخزن. إذ أنها سلطة شكّلت لعقود علاقة هرمية تكاد تكون مقدسة بين الحاكمين والمحكومين. وما يلفت النظر هو أنّ هذا الخضوع لم يُقبل فقط بدافع الخوف والريبة، بل تَمَّ استبطانه كفضيلة بل وعمل أخلاقيًا. فالطاعة أصبحت عندهم حكمة، والعبودية وَلاءً، والاعتماد على الغير، أيًّ كانت مساعيه في دولتهم عبارة عن صورة من صور الاستقرار. نيتشه قال «نعم للحياة»، لكنها استُبدلت بـ«لا» مقنّعة، إذ جرى تحويل العجز التام على تغيير الظروف إلى قيمة، وتحويل الذل إلى فضيلة الصبر، وعندما عبّر قائلا...