الخميس، 10 ديسمبر 2020

بين رونالدو و ميسي !


في الحياة مُتفوقان اثنان ، المثابر و الموهوب.
و رغم ان تفوق الموهوب يعتمد على مثابرته ، و تفوق المُثابر يعتمد على موهبته ، الا ان ما يفصلهما هي الصفة الطاغية على شكل حياتهم ، و منها يستمد الناس طاقتهم ، فمنهم الموهوب الذي يحتاج طاقة المثابر ، و منهم المثابر الذي يحتاج الى صقل و تكوين الموهوب.
المقال الـ 63 للكاتب Imed eddine zenaf / عماد الدين زناف
_
في عالم الرياضة ، هناك رونالدو و ميسي، لو سألت الجماهير عن أفضل لاعبين فلن يجيب بغير هؤلاء ، و هي إجابة آلية أكثر منها فكرية ، لأن العالم اعتاد على اعتلاء الرجلان منصّات التتويج الفردية لمدّة 12 سنة كآملة.
لكن ، مالذي يجعل الجماهير تحب أحداً أكثر من الآخر؟ 
لو رجعنا قليلاً في الزمن و توقّفنا في سنة 2004 ، و شاهدنا رونالدو مانشستر يونايتد يداعب الكرة و يراوغ دفاعات الخصم ، لقلنا أن هذا الرجل سيكون من أفضل اللاعبين على الاطلاق ، و لم نتصوّر للحظة ان نفس «البهلوان» الذي يمتع الجماهير، سغيّر مفهوم الكرة و ينقلها من متعة و فرجة الى ماكينة أهداف ليخدُم مشواره الكروي من كلّ زاوية ممكنة!
كل تلك السنوات التي لعبها لمانشستر يونايتد تعدّ مرحلة ما قبل التاريخ لكرة القدم، رغم تتويجاته مع الشياطين الحُمر.
لأن رونالدو ريال مدريد انتقل من لاعب الى مؤسسة في ذاته، و اصبح الجناح الأيمن يشغل المنصب الذي يريده في الهجوم، رونالدو مانشستر كان داخل علبة المنطق الكروي، اما رونالدو خارج مانشستر فقد وسّع العلبة كثيراً و صعّب المهام على عدّة أجيال قادمة!
مالذي فعله رونالدو ؟، هذا الرجل هو اذكى رياضي منذ عهد الأولبياد اليونانية، لانّه انهى حجة التقدّم في العمر ، و انهى حجّة ان الموهبة تكفي للتفوّق ، صنع فلسفته الرياضية الخاصة و لم ينصاع لقوانين و عرف الرياضيين حول العالم، لماذا كنت احب رونالدو مانشستر ؟ لان تسريحة شعره جميلة و نجوميّته تعجب كل الفتيات..، لماذا أحب رونالدو اليوفي؟ لأنه فيلسوف و رجل أعمال و مثابر و مجتهد و لا يعتمد الا على القوّة الدّاخليّة التي تسكنه.
اما اذا سألتني عن ميسي فسوف أجيب بكل بساطة انني و ثلاث أرباع سكان الكرة الأرضية عاجزون على تقليد سهولته في التسجيل و المراوغة و قراءة تحرّكات الدفاع ، انه الرجل الذي لا فرق عنده اذا جرى بالكرة او بدونها،  لا فرق عنده اذا تدخلت بعنف او سلاسة، ليونال سيمّر الا اذا استعملت اساليب غير رياضية تماما! 
عندما دخل لاول مرة للميادين في عمر السابعة عشر ،ترك سنّه في خط التماس و راح يداعب الكرة و يفتح لنفسه المساحات و يطلب الكرات كأنّه ميسي 2012 !
كلّ اللاعبين تدرّجوا في مستوياتهم حتى رونالدو ، الا ليو الذي حافظ على نفس طريقة اللعب منذ ان وضع قدمه ، الرجل الذي أعاد برشلونة من رقم عشرة البرازيلي (روماريو ، ريفالدو ، رونالدينهو) الى الأرجنتين بعد مارادونا!
تشعر ان ميسي لا يتدرّب ، لا يبالي ، لا يعنيه شكله ، انه ستيفان هاوكينغ الكرة ، ايلون موسك التكنولوجيا .. لا اتمنى ان يعتزل!
اذا اردت ان اختتم مقالتي باستفزاز الجماهير ، فسوف اقول لهم اجعلوا رونالدو قدوتكم و انسوا ميسي تماماً، كلنا اقرب الى رونالدو اذا ما هكّرنا يومياته لأكثر من 15 سنة ، اما ميسي .. فلا تتعبوا انفسكم ، العبقرية امر وراثيّ ، و لن تجد الكثير من الناس الذي يتفوّقون  لسنوات متتالية و الابتسامة لا تفارق وجوههم الصبيانية !
شخصياً لازلت افضّل رونالدو لانّه الاقرب الى برمجتي ، منذ اوّل لقاء شاهدته له في يورو 2004 امام اليونان.. الى الثنائية ضد البارصا اوّل امس.

انتهى

#عمادالدين_زناف

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق