الخميس، 20 أغسطس 2020

بيع الوهم !

 

مقالة الكاتب عماد الدين زناف : تسويق المؤامرة.
___
الكاتب مثل غيره من الناس ، شخص عمل كثيراً في مجالات متوسطة ، تعرض لنفس المعيقات و وجد بعض الامتيازات، نظرة الكاتب للعامل و من لا يعمل ، للمستقل و للمُكبّل ، للعبد و الحرّ ، في الفكرة او القوت، هي نفسها ، الكلّ ضحية للظروف، داخل كثير من الأقواس طبعاً.
جميعهم يلجئون لنظرية المؤامرة، عندما يتعرّض احدهم لعرقلة ما ، يتهم الآخر بالتخطيط له، و لطالما عُرفت المؤامرة انها تدبير المكائد من القوي للسيطرة على الضعيف ، لكن الاشكالية ان اذا كان الضعيف ضعيفاً في ذاته لما يؤامر عليه ؟، و بعد مدة من بعض التراكمات المعرفية و التحليلات العقلانية السياسية و التاريخية .. وجدت مربط الفرس لهذا السوق المُربح.
هناك صراع عمودي و صراع افقي ، الصراع العمودي هو محاربة المَحكوم للحاكم اي حجة المحكوم هو الظلم و التعسّف ، ثم التعاون مع اطرافٍ لتثبيت الحكم او للسيطرة على المحكوم، و هناك صراع افقي بين الحكام انفسهم و المحكومين انفسهم، بين الحكام صراع تقيّد المناصب، و بين المحكومين صراعات عرقية دينية ايديولوجية و مذهبية.
بين كل هذه الصراعات هناك وسيط ، يتّفق عليه الطرفان كأم المؤامرات ، اليد الثالثة الخفيّة، التي تهدد كيان الحكام "العادلين" و الشعوب "المؤمنة" ، كلاهما يستعملون نفس الطرف لكل شيء و لـ لا شيء.
المتتبع لثورات الشعوب تاريخيا يعرف ان ليس هناك ثورة "ناجحة" الا تلك التي دمّرت البنك و النقد و سوق الذهب و القدرة الشرائية ، اي سياسية تدمير البلد كليا لبنائه من جديد و على اسس جديدة، و المتهم دائما لا الحاكم و لا المحكوم بل الطرف الثالث.
بين الشعوب انفسها، و ضمن الحرب الافقية، يتهم بعضهم بعضا بالسحر و الحرب الالكترونية و التبليغ و الوشاية و استعمال المعارف لكسر الآخر او التمييز بين الافراد.
هذه الفقرات عي مجرّد مقدمة للطرح الذي اتيت به و هو سياسة "تسويق المؤامرة" ، كيف تصبح المؤامرة من الشر المطلق الى مصدر ربح و نجومية؟، اي اصبح الناس يعتلون الشهرة على جثث المخاوف و الناس لا تدرك ذلك بعد؟.
هناك ناس يغالطون و يستهزؤون بأفراد ..يدعونهم لمحاربة قوى الشر في الوقت ذاته، ان رسالتك تذهب للشخص الخطأ عندما تحاول إيقاظه من سبات التبعية و الخضوع للشر ..و الشر و التبعية مصدر قوته اليومي، اذا لم يمنح الفرد نفسه مساحة للراحة و التفكير فلن يخطو لفهم اي قوى شر او مؤامرة، بل سيفهم الامور بشكل مغلوط و غير صحيح.
اذهب و اطرق باب روكفيلر او روتشيلد او بيدلبرغ او مورغان ، اطلب منهم توضيحات حول مشروع البيدوفيليا الشيطانية و سوق الاسلحة و السحر الأسود و النقود الورقية ، اطلب من الكنيسة الشيطانية ان تشرح لك سبب قلب شعار المسيح و القصد من ذلك ، لا تستطيع؟
اذا اقرأ ما سوف اقوله لك، اذا يوما جلبت معلومة من لسان احدهم او من اي طرف كان، انت و قناتك و حسابك تصبحون في خبر كان، هذا ما هو مؤكد في نظرية المؤامرة كلّها.
ما الذي يحدث؟، ارى بعض الناس يتعاملون مع هؤلاء العوائل و التكنولوجيا و الخطط و السحر كالرب الذي لا نستطيع معه شيئا ، ثم يباحون لنا بقى ربهم و يحذّروننا منه.. و يتركهم ربهم هذا بلا عقاب؟ بل و يضيف لهم نجومية على نجوميتهم الأولى ؟!، هل هم اعلى مما يبوحون به؟ هل يعتقدون ان لا قدرة لهم على ايذائهم ؟ ، هل يعتقدون انهم فعلا يبوحون للعالم اسرارا لا يعرفها الا هم ؟ .. لدي الأجوبة..ارتاحوا.
ما داموا يتكلمون على قوى الشر على انها ربّ يتحكم في الجوّ و الجن و الفلك و البحار ..و في التاريخ و المستقبل و الأمراض و الغذاء و مصير الدول، بلا حلّ، بلا تهديد، بزيادة نجوميّة ، بزيادة تسويق ، بجوائز و مشيخيّة ، فاعلم انه تسويق لذلك الرّب و قربان ، و انها نجوميّة على جثث المخاوف و الشهوات و الميولات المازوخية لجلد المشاعر، انت تفضحهم و هك ينظرون اليك ، و الشعوب لا تتكلم الا عن هذا و هم ينظرون اليهم، لا ، لا احد ينظر فحسب ، المدّعي بيعك القول و يشتهر ، و انت تشتري القول و تُشهر به.. و الطرف الثالث لا يعتد بكما.
الذي يحدث ليس وليد اليوم، ليس لأنك جاوزت المراهقة  و فتحت عينك على الدنيا اذا بدأت هذه النظريات مع استيقاظك.. لا، كل ما يحدث بدأ منذ السومريين و البابليين، من يسوّق للمؤامرة في ثوب الناصح مجرد آلة موسيقية لها.
اذا نظرت لهم كأرباب ، فانظر لمن يكلّمونك عنهم كرسلهم، لان الرسول لا يمدح فقط بل يحذر من غضب ربه.
اياك ان تشتري شيء يحمل قصص المؤامرة ، لان تلك القصص مجانية، و اعلم ان من يملك الحقيقة اما مسحورٌ او ساحر، و اعلم ان من يستحوذ على حق الكلام و النجومية و يتكلم لك على المؤامرة بالترهيب و التخويف و التعليم، ما هو الا نبيّ كاذب كما قال عيسى عليه السلام.
و قال الرسول صلى الله عليه و سلم ، سيكون ثلاثون دجّالا قبل خروج الاعور فاحذروهم .. و الدجّال هو نبيّ كاذب.
اقفلوا و اغلقوا مواضيع المؤامرة و اتركوا لأنفسكم مساحة للعلم و الدين و الفكر ، لانك مهما جهلت خططهم فسلاحك اقوى، و الا ، مهما علمت خططهم بل سلاح لك و انت مجرد منتحر.

___

#عمادالدين_زناف

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق